المستشار محمود الخضيري يكتب : تقرير النقض لا يعني نزاهة الانتخابات في دائرة «بندر دمنهور ».. ومحاضر الفرز تثبت التزوير
أحكام محكمة النقض لا تؤخذ من ظاهرها، ولكن يجب إمعان النظر فيها، حتي يمكن الوصول إلي حقيقة ما حسمته المحكمة من الأمور المعروضة عليها، وما لم تجد ضرورة لحسمه، لأنها وجدت في غيرها ما يغنيها عن ذلك، فإذا عرفنا أن عدد الطعون التي قامت المحكمة بنظرها في هذه الدائرة خمسة وعشرون طعناً، يعتمد كل طعن فيها علي أسباب تختلف عن الآخر، فكان لابد للمحكمة أن تلجأ إلي السبب المشترك بينها جميعاً،
وتستند إليه في قضائها، وهو بطلان النماذج المستخدمة في عملية فرز الأصوات وتجميعها وإثبات إجراءات اللجان الفرعية، لعدم التوقيع عليها ممن قام بتحريرها أو استيفاء البيانات الواجبة الإثبات فيها، وانتهت المحكمة استناداً إلي ذلك إلي بطلان الانتخابات، وكان هذا كافياً من وجهة نظرها للفصل في هذه الطعون جميعاً، أما عملية التزوير التي شابتها، فقد عرضت لها المحكمة عرضاً بسيطاً لم يصل إلي درجة الحسم فيها، كما قضت ذات المحكمة في الطعون الخاصة بدائرة مركز شرطة دكرنس محافظة الدقهلية، أو نبروه محافظة الدقهلية،
أو تبين محافظة كفر الشيخ أو الدائرة السادسة قسم مدينة نصر ومصر الجديدة محافظة القاهرة، حيث كان السبب الرئيسي الذي استدنت عليه المحكمة في بطلان الانتخابات هو تزويرها، طبقاً لما ثبت لها من التحقيق والفحص الدقيق الذي أجرته في هذا الشأن، أما في الطعون الخمسة والعشرين الخاصة بدائرة بندر دمنهور وزاوية غزال، فلم تقم المحكمة بتحقيق وقائع التزوير التي شابتها اكتفاء بالقول، إن المرشح الطاعن «جمال حشمت» قد تضارب في أقواله بعدد الأصوات التي يقرر أنه حصل عليها «كما لم يبين أو يقدم أي دليل مقبول في أي رقم قال به،
بل إنه يقرر أن ما يقول به إنما بناء علي أقوال سمعها من الغير، دون تحديد أو تقديم المستند الذي يؤيد زعمه، مما يتعين معه طرح أقواله في هذا الخصوص جانباً، وعدم التعويل عليها، والحقيقة أن الدليل الوحيد علي عملية التزوير هو في يد إدارة الانتخابات، وهو محاضر الفرز وبطاقات الاقتراع، فكيف يمكن للطاعن تقديمه؟
وعندما سئلت في الشكوي المقدمة مني إلي السيد وزير العدل، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ورئيس مجلس القضاء الأعلي ، والنائب العام، قلت: إن الدليل الوحيد علي تزوير هذه الانتخابات، لا يستند إلي شهادة القضاة ولا أقوال شهود إثبات، إنما إلي محاضر الفرز في اللجان الفرعية، ومطابقة ما جاء بها علي محضر اللجنة العامة، وعدم اعتماد أي محضر غير موقع من اللجنة الفرعية، فإذا ما أثبت التقرير الخاص بانتخابات بندر دمنهور، أن النموذج «٥٠ ش» المخصص لعملية فرز الأصوات،
وهو ما يعرف بـ«الحقول» ١٢٤ محضراً من ١٦٠ غير موقعة، وأن النموذج «٤٨س»، الذي يتم فيه إثبات مجموع ما حصل عليه كل مرشح باللجنة الفرعية ٩٣ منها غير موقع عليه، تبين لنا مدي العبث الذي حصل في المستندات التي عرضت علي محكمة النقض، لكي تستند إليها في الاقتناع بالتزوير، ومن المعروف قانوناً أن المستند غير الموقع لا قيمة له في الإثبات، وهو ذات ما استندت إليه المحكمة في تقريرها ببطلان الانتخابات.
فهل يمكن بعد ذلك القول إن عملية التزوير قد قالت فيها المحكمة كلمتها بعد؟ وإذا كانت محكمة النقض قد أنهت دورها في هذا الشأن، فإن دور النيابة العامة لم ينته بعد، وهو في هذا الشأن مكمل لدور محكمة النقض وغير متناقض معه، سواء انتهي إلي وقوع التزوير أو عدم وقوعه، لأنه في الحالة الأولي يضيف إلي التقرير سبباً جديداً لم تحققه المحكمة، وفي الحالة الثانية يتفق معه في عدم الاقتناع بوقوع تزوير، وما نطالب النيابة بالقيام به، هو إجراء جنائي يدخل في اختصاصها، لأنه يكوّن جريمة جنائية لا علاقة له بالطعن الانتخابي، ولا يتعارض معه، خاصة في هذه الحالة التي لم تقل محكمة النقض كلمتها فيها. انتخابات بندر دمنهور وزاوية غزال نموذج للتزوير،
الذي شهد به ١٥١ قاضياً أشرفوا عليها، لم يطلب منهم أحد الحضور للشهادة، إلا الزميلة الدكتورة نهي الزيني، التي لا أعتقد أنها تتأخر عن شهادة تطوعت هي بها، دون طلب، ولابد أن عدم حضورها يرجع إلي أسباب مقبولة، يضاف إلي ذلك أن دليل إثبات التزوير، الذي لا يجادل فيه أحد ليس في يد الطاعنين، بل هو في يد الحكومة، لا يملكون تقديمه وحتي إذا قدمناه هل يتم تحقيقه، لقد قدمنا هذا الدليل في دائرتين بندر دمياط والعجوزين مركز كفر الشيخ، ولم يتم تحقيقه حتي الآن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
محمد عبدالله الصفتى المحامى
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]