هذا لم يكن في عمان ولا في دمشق ولا في القاهرة ولا حتى في غزة ، هذا كان في على الساحل الغربي للولايات المتحدة في ولاية كليفورنيا ......سيدة امريكية تدعى لورا دويل اسست جمعية اطلقت عليها اسم " جمعية المرأة المستسلمة " ... فلسفة الجمعية تقوم على مبدأ واحد هو اسعاد الرجل !! . اللافت للنظر ان مئات الالاف من النساء الامريكيات قد انضممن بحماس الى هذه الجمعية ، بل انه تم مؤخرا افتتاح فروع لها في بريطانيا، وتلقى اقبالا متزايدا من قبل النساء. تقول دويل أن المرأة تحقق سعادة اكبر عندما تطيع زوجها في جميع الاحوال، وقد ضمنت نصائحها لبنات جنسها في كتاب طبع خمس مرات وكل طبعة مائة الف نسخة نفذت جميعا . ليس هذا فحسب بل أن بعض الجامعات الامريكية اهتمت باراء دويل وقررت أن تخصص دورات للطالبات والزوجات لدراسة ارائها بعد ان انتشرت دعوتها ودقت جميع أبواب النساء في امريكا وانجلترا . تقول دويل انه في خلال الثلاثين سنة الاخيرة تضاعفت معدلات الطلاق بنفس المعدل الذي حصلت فيه المرأة على حقوقها، وترى دويل انه لا مجال لاعادة معدلات الطلاق الى النسبة التى كانت عليها الا باعادة العلاقة الزوجية الى ما كانت عليه قبل ثلاثين عاما . وتذهب دويل الى ابعد من ذلك عندما تؤكد ان السعادة لن تتحقق الا عندما يتم اعادة الحقوق المشروعة للرجل باعتباره سيد البيت !!!!!. هذه الدعوة تصدر في اكثر البلدان التي حصلت فيها المرأة على حقوقها . الكثيرات من ادعياء ال " feminism" عندنا لن يجدن فيه اساسا لاعادة تقييم " النضال " الذي يخضنه. صحيح انه في كل ما يتعلق بالعلاقات الانسانية فلا مجال ان يكون الاستسلام اساسا لهذه العلاقات، حتى وان كان هذا الاستسلام طوعي وعن محض ارادة المرأة نفسها. لا اعرض ما تطرحه دويل من اجل الانتقاص من وجاهة الدعوات المنادية لاعطاء المراة العربية والفلسطينية حقوقها، وهي منتقصة الحقوق بكل تأكيد، ولا ازعم ان ما تطرحه هذه الامريكية يمكن ان يشكل موديلاً صالحاً يتوجب تبنيه على الاطلاق. لكن باعتقادي ان ما ذهبت اليه دويل يعكس نموذجاً ثورياً من التحرر من التقليد في تبني البرامج المجتمعية النمطية التي ليست بالضرورة تعبر عما تحتاجه المرأة في امريكا كما رأته دويل نفسها. عندنا هناك خلل كبير في البرامج التي تتبناها المنظمات النسوية المنادية بحرية المرأة، الاصل – كما ارى – أن يتم اولاً وقبل كل الشئ ان يتجند الرجال والنساء في النضال من أجل ايجاد نظام سياسي ديموقراطي حر يراعي موروث المجتمع العقدي والقيمي و يضمن للانسان سواء كان ذكراً او انثى حريته وكرامته باعتبار هذه الكرامة أهم قيمة يدافع عنها هذا النظام. ففي غياب النظام الديموقراطي الحر فأن الرجل ، كما المرأة يعيش على هامش العسف والضيم. الانطمة الديموقراطية الحرة تضمن حقوق الرجل والمرأة على حد سواء بدون أي تمييز. من هنا كان الضجيج الذي تتركه الؤسسات النسوية في بلدان العالم الثالث اكبر بكثير من ضجيج تلك التي في البلدان الديموقراطية لكن بجدوى اقل. اهمية النظام الديموقراطي انه يكرس ضوابط لحقوق الحاكم والمحكوم، الذكر والانثى. في غياب النظام الديموقراطي الذي يخضع الجميع فيه للمساءلة فأن الرجل والمرأة من الممكن ان يكونا ضحية لانعدام المساواة والظلم. فكثيرات عندنا تبوأن وظائف فقط لمجرد انهن قريبات فلان او ..... ، وكثيرون هم الذين رغم كفاءتهم ظلوا على الهامش. لكن خارج كل هذا الجدل، بل وبمعزل عنه فانه يتوجب على المرأة العربية ان تفكر ولو قليلاً فيما ذهبت اليه السيدة دويل حول الظلم الذي يتعرض له الرجال على أيدي النساء. تجمل الرجل ومكابرته لا يعني انه لا يظلم من ذوات التاء المربوطة والقنابل الموقوتة !!!!