فوائد وعيوب مكاتب تسوية المنازعات الأسرية
صدر القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن إنشاء محاكم الأسرة (1) ، وتم العمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2004م ، وقد ثارت حول هذا القانون العديد من التساؤلات حول طبيعته ونطاق تطبيقه والإجراءات الخاصة به وما أتى به من مبادئ جديدة وما استحدثه من كيانات لأول مرة في تاريخ التقاضي في مجال الأحوال الشخصية .
ومن ضمن ما استحدثه أنه أنشأ "جهة إدارية" (2) أطلق عليها اسم "مكاتب تسوية المنازعات الأسرية" تعرض عليها المنازعات قبل عرضها علي المحكمة المختصة لأول مرة في تاريخ تطبيق القوانين المتعلقة بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية سواء للمسلمين أو غير المسلمين ، وحرص المشرع المصري علي إعطاء فرصة للصلح بين الأطراف المتنازعة بهذه المكاتب قبل اللجوء إلي ساحات القضاء لما للصلح من فوائد .
وقد استحوذت مكاتب تسوية المنازعات الأسرية الوليدة علي نصيب الأسد من الجدل والاختلاف حول دورها وأهدافها وأهميتها وضرورة وجودها من عدمه بل إن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل قام من يهاجم وجودها معددا لعيوبها ومشككا في جدواها موجها لها سهام النقد ، في حين حمل البعض الآخر لواء الدفاع عنها وبقوة أخذ يسرد فوائدها.
وفي هذه السطور نحاول أن نقدم سردا محايدا وموضوعيا لعيوب وفوائد مكاتب تسوية المنازعات الأسرية الجديدة
عيوب مكاتب تسوية المنازعات الأسرية (3)
قلنا أن المشرع المصري قد حرص علي إعطاء فرصة للصلح بين الأطراف المتنازعة بهذه المكاتب قبل اللجوء إلي ساحات القضاء لما للصلح من فوائد ، علي أنه مهما كان حرص المشرع وعنايته فإن النظام الذي تبدو محاسنه من الناحية النظرية قد لا يحقق الغاية منه عند التطبيق العملي علي أرض الواقع وما يقابله من عقبات وصعوبات تحول دون تحقيق الغرض منه ، ومن أهم العيوب والمسالب التي قد تنسب إلي هذا النظام ما يلي:
أولا: هذا النظام من شأنه تأخير الفصل في الدعاوى بغير فائدة محققه ذلك أنه قد لوحظ أن النزاع إذا وصل بين الطرفين إلي جهات رسمية إدارية أو قضائية أو غير ذلك يقطع بأن الخصوم قد استنفدوا كل وسائل التوفيق بينهما و لن يجدي معهم إجبارهم علي اللجوء إلي مكاتب تسوية المنازعات الأسرية لإقرار الصلح الذي يتوقف علي مطلق إرادتهم ، الأمر الذي لن يتحقق من وراءه سوى تأخير الفصل في الدعاوى بغير فائدة ، حيث لن يحسم المنازعة بين الطرفين في هذه الحالة إلا حكم قضائي ملزم لهم.
ثانيا: هذا النظام قد لا يحقق الغاية منه أمام تقصير أعضاء المكتب سواء كانوا من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين أو غيرهم والإهمال في أداء واجباتهم لعدم إيمانهم بمدى أهمية ما يقومون به من عمل وجسامة المسئولية الملقاة علي عاتقهم من أجل الحفاظ علي كيان الأسرة ، كما وأن أعضاء المكتب ليسوا من الأشخاص المتفرغين لعملهم بل هم من الذين تم ندبهم من جهات متعددة ، الأمر الذي ينتهي في الغالب لإحالة الدعوى إلي القضاء بعد تعطيلها أمام المكتب فترة من الزمن بغير فائدة.
ثالثا: ومن ناحية أخرى قد لا يحقق الغاية منه أمام سوء نية الخصوم وتحايلهم فقد تُبذل جهود للإصلاح ، وحلّ الخلافات والمشاكل بين الزوجين ، وقد لا تُوفّق محاولات الإصلاح ، بسبب سوء نية الخصوم وتحايلهم ولجوءهم للتعطيل والمماطلة ونحو ذلك ، ولاسيما مع عدم وجود جزاء ما مثلا يمكن توقيعه في حالة عدم حضور الخصوم إلي المكتب للقيام بدوره حتى لو كان بغير عذر وحتى لو تكرر ذلك.
الأمر الذي يصبح معه هذا النظام في تلك الأحوال وغيرها مجرد وسيلة لتأخير الفصل في الدعاوى دون ثمة جدوى محققة ، حيث ينتهي في الغالب بإحالة الدعوى إلي القضاء بعد تعطيلها أمام المكتب فترة من الزمن بغير فائدة